الثلاثاء، ديسمبر 09، 2008

الحديث بحروف بارزة وفراشة فليفل

فراشة الطين
مجموعة قصصية .. عبد العاطي فليفل
من اصدارات ندوة الاثنين بالاسكندرية
صدرت المجموعة القصصية الجديدة فراشة الطين للأديب السكندري عبد العاطي فليفل ، وقد قسمها الكاتب الي الاقسام التالية :
الاول :عندما تنبت الارض خيالا وتشمل
حواديت نسج المصاطب
تل البندارية
فراشة الطين
اطفال القمر
لا تكشفي عن وجهك الآخر
عصافير من حجارة
والثاني: ولادة من رحم الأرض
البوابة .. وقبلت الثوب الأسود
ثلاثة غابت عنهم الشمس
واحترقت اوراق العمر
الف باء ..حان الصفا
الطرف الأخير
وجوه علي حائط كهف
قليلا ما يغضب البحر
ثالثا: ليس للشر نبات
المطرقة والأعين الزجاجية
واما الجدار .. صرخة لا تكفي
في قلبها نار .. رقص البنفسج
رابعا :قبل أن ينكسر الظل
صديقي ميدو
الفراشة والزهر المقطوع
دلال ام العيال ..نداء
غرباء وتسامي العطر الحزين
الحديث بحروف بارزة
وفراشة فليفل
ابداعات قصصية جديدة ومدهشة تنطلق مع فراشة فليفل ..وتبدأ درجات من الدهشة والحيرة مع العنوان الرئيس وحروف تبرزالعديد من الاسئلة لتختلف دلالات الفراشة والوانها وسموها ، والطين وعالمه. تتوالي الأسئلة وتزداد بروزا مع جدارية تتصدر نسقا من النصوص لتزداد درجة الدهشة والأرض تنبت خيالا مع مجالس الحواديت والموروث الشعبي ..وقد يختبئ المكان لتبرز حكايات اهل المقابر، وتبدوتجليات انسانية وعادات وتقاليد راسخة والتفاؤل والتشاؤم ونداهة القرية والحيرة تصاحبك ،ولا يكفي الخيال فتلتقط ريشته نبضات من الواقع ومنمنمات الذكريات حيث يبدو تأثير الذات وظلم الانسان لأخيه والواقع المتجـدد يرصدها الكاتب في ظل جداره المنبوش كالحلم ، ثم يتوقف لينتقل فالحلم بوالده الشهيد لاينتهي ..
وكأن العوالم الأخري تولد من رحم الأرض مع الجدارية التالية لتحترق اوراق العمر وتزداد النظرة المأساوية للكاتب رسوخا وقد غابت الشمس عن البعض ،وهام مع بواباته حتي تقوس ظهره تحت سياط المشيب ، وتتجلي الابداعات مع الف باء شخصيات تبرز بصورة مختلفة ..
فالبكاء قيثارة والضحكات عبير وحياة ،وتتسع الدهشة مع احلام الغيب وذكريات وغرائب ترصد ابعادا جديدة لما يسمي عالم ما بعد الحداثة ..
ومع اتساع عوالم عبد العاطي تتوقف امام الجدارية وتنتقي التشكيل الجمالي الذي غلف به حكاياته ..فتعيش مع حكايات نسج المصاطب صورا معروضة تعلن أن الكتابة ومضة كاشفة ، واشارة توضيح أو مكابدة تشعر بعدها بهدوء النفس فلسنا غرباء وليس للشر نبات ، ومع متعة لغة القص الشاعرية تشعر بالنار في قلبها وتشم رائحة البنفسج الراقص ، وبجانب تلقائية ذكية تستوعب في رموزها المنسابة في فضاء السرد القصصي مشاعر خاصة تتسامي مع العطر الحزين ، وقبل ان ينكسر الظل يرفع اطفال الحجارة شعار الغضب قنابل الموت ، وعندها فان صرخة واحدة لا تكفي ،والتي تحملها الفراشة التي انطلقت من رحم الأرض تستوعب صفة الفنون فوق الجدار وترسم بالمطرقة والاعين الزجاجية الوجوه التي علي حائط الكهف ،وتنفعل المشاعر وتحلم بالخلاص مع البحر الذي لا يغضب الا قليلا ..
من بين السطور تسمع نداء جمل موسيقية ،وتظل تعزف مع حرفيتها التي تقودك الي مناخ الحكواتي والراوي في الميثولوجيا الشعبية ..
في مجموعته القصصية فراشة الطين متعـددة الألوان مع رحابة الموضوعات وغرابة الأحداث ، يقدم لنا فليفل حكاياته بعذوبة لغة ، ويصورها بأسلوب حكاء ماهر ، يعرف كيف يجذب قراءه ، وتشكيلات فنان يقدم ملامح وجودية في عالم صغير ، إذا تحرك عندها نغوص في فنتازيا عبثية أحيانا ودراما انسانية علي الأرجح .
أسوق هذه المقدمة للقول : اننا بصدد مجموعة من الاعمال الادبية للشاعر القاص والفنان التشكيلي والواعظ عبد العاطي فليفل ، والتي تظل بحاجة الى المناقشة والدرس واستكناه معطياتها الجمالية والفكرية بالعمق الذي تستحقه فيما هو أبعد من هذه الرؤية الخاصـة
ونستطيع القول انه من سمات قصص هذه المجموعة :
الابتعاد عن الحكاية بنيةً والاقتراب منها موضوعاً.
أنظر (احتواهم الغضب ..تهامسوا .. قرروا..أما هو )
وهكذا تبدأ الحكاية ..في قصة واحترقت اوراق العمر ..
ونرصد عصرنة الموضوع وتحديثه بالربط بين ماضي الحكايات ووقائع الحاضر ، وتختفي فيها المباشرة خلف حلول فنية مبتكرة لا يمكن اغفالها بغرض التنويع والاختزال :
علي الحائط المقابل لفراشي صورة بحجم سنوات عمري .. قالت أمي أنه أبي الشهيد .. وتعيش مع الحكاية وعصافير من حجارة
هو أيضا موهبة جادة تندفع نحو دائرة الضوء بثقافة حية .. انه لا يستمد الاسطورة والخرافة فيضمنها قصصه دون توظيف ..؟
الشاعر القاص يوظفها جميعاً في قراءة موضوعية معاصرة بمعالجات جديدة . فمن توظيف الاسطورة أو الموروث الشعبي نجد وظائف من نمط كسر أو تجاوز الأطر البلاغية التقليدية ، وتعميق التضمينات والرموز التي لا تقصد لذاتها ، بل لأحياء دلالة أو معالجتها .
في القصـة الأولي : نحن اطفال السمر نفترش من الأرض ثراها .. نقطع من حرم منصة المصطبة نصف دائرة متعرجة في انتظار قدوم مجلس شيوخ العائلة .. لننسج في عيون الليل احلامنا مع رقصات دخان الشيشة تزوغ الأعين منا صوب الأفواه .. وتسعفه لغة حاملة للأفكار والمعاني فتقرأ .. التقط جدي الكلام من فوق لسان أبي ..
ونعود للدهشة ونعيش مع الابداع ونشحذ الذهن والواقع والخيال يتبادلان التأويل والدلالات ورؤية خاصة لأديب شاعر يقتحم دنيا القص ممتطيا عالمه الثري وموثرا طرح قضايا متجنبا لحظة الصدام ومجدفا بلغة شاعرة يتسع معناها في الخطاب القصصي وصور تشكيلية جميلة تحمل رسالة .. فما اجمل الاستمتاع بخيال عينين متقدتين وحديث لتشكيلات جمالية بحروف بارزة ..
الشربيني المهندس

0 التعليقات:

إرسال تعليق

مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More