المشـــــــهد العاشــــــــــر
لم يُكن بمقدور حنين أن تستوعب ما يحدث فأشباه البشـــر حولها يتحركون هنا وهناك ، لم تدرك أقوالهم فهى ترى تحركاتهم فقط ، وتشعر باقتراب الشمس من وجهها الذى كاد أن يحترق .
لماذا يقتربون منها ومنى ولماذا البعض يقولون لى اهدى والبعض يقول لها استحملى ؟ ماذا فعلت أنا ليحدث ما حدث لى ؟ ما الذنب الذى اقترفته ؟ مَن قتيلى ؟ وكيف قتلت ؟ ليتم القصاص منى بتلك الطريقة ؟!
تتصارع التساؤلات بعقلها دون إجابة ، قد شارفت حنين على الجنون .
أخذوا الأستاذة / عبير حتى تهدأ خارج المكتبة ، وأتى لحنين أحد الأساتذة يعتذر عما حدث لها دون عمد من أ/ عبير ، مُعللاَ تصرفها بأنها رغم كل شــىء طيبة وقلبها أبيض ، ولكن كيف لحنين أن تسمع تلك الكلمات ، فهى لم تكن هنا بل رحلت هناك الى عالم ما داخل عقلها تُحاسب نفسها وتُعاقبها ولكن على ماذا ؟!
فكان الذنب الوحيد انها حاولت أن تعمل بجهد ، حاولت أن تجتهد ، حاولت أن تتنفس فكر ، فقط حاولت .
كانت شلالات المطر التى أغرقت وجهها وعيونها سببا فى دفع البعض للإشفاق عليها ، ولكنها لم تترك حالها هكذا كثيراً ، حملت شنطة يدها وخرجت من المدرسة دون إذن ، فقد هربت من المكان وفى بضع دقائق كانت داخل غرفتها رافضة الكلام مع والدتها فقط ارادت أن تغرق داخل جزيرتها القطنية (السرير) ، أرادت أن تختفى عن كل البشر عن نفسها أيضاً ، عن جزء داخلها كان رافضاً للعمل فى مكتبة مدرسة ، هربت من الجميع الى النوم الذى هرب منها هو أيضاً وظلت تترجاه فى ظلمة الليل دون جدوى ،
وأشرقت شمس يوم جديد أشرقت متأخرة عن موعدها آلآف السنين ، وخرجت حنين فى موعدها للمدرسة عازمة على الانتهاء من تلك المهزلة ،نادى عليها المدير ودعاها الى مكتبه ، لتلقى التحية على الموجه ويكون شاهد على عتابه لها لخروجها دون إذن منه أمس ، وسألتها الموجه عن السبب فأجابت :-
أسفة انى عملت كدا ؟
المدير:- وتفتكرى الأسف هيمنعنى من انى متصرفش معاكى قانونى ؟
حنين :- حضرتك مفيش داعى النهاردة بأمر الله آخر يوم ليا فى الشغل ، عن اذنكم
الموجه :- استنى ، يعنى ايه آخر يوم ليكى فى الشغل ؟!
حنين :- يعنى حضرتك انا جيت النهاردة علشان اسأل ازاى اقدم استقالتى ، وكفاية لحد كدا
الموجه :- ليه هو لعب عيال ولا ايه ؟ انتى بقالك اد ايه علشان تقولى كدا ، وبعدين انتى كنتى متحمسة أخر مرة ايه حصل ؟
حنين :- الحمد لله ، محصلش حاجة غير اللى قلته لحضرتك ، أنا اسفة
الموجه :- انتِ ....
المدير :- استنى حضرتك ، انا هاقولك اللى حصل واللى كمان مخلنيش اتصرف قانونى معاها امبارح ، روحى انتِ يا حنين .
حنين :- عن اذنكم .
ودار حوار مطول بين الموجه والمدير أثمر على مناداة الأستاذة عبير التى دخلت وهى ترمقنى بنظرة غضب وتوعد ، وخرجت وهى تنفث بحمم بركانية وتقول :-
جريتى على الموجه على طول يا كتكوتة . ماشى .
تكلمت تهانى :- بس بقا ياعبير متكبريش الموضوع الموجه جاى زيارة رسمية هو فاضى ليكم
عبير :- استكتى انتِ انا فهماها كويس دى ميا من تحت تبن ، تغرقك ، انتِ مخمومة فيها
لم تنتبه حنين لكلامهم ، فهى عازمة على الرحيل من ذلك المكان ، أو بمعنى أدق الهروب
0 التعليقات:
إرسال تعليق
مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ